ورحل صوت الفرحة "وردة" بعد 50 عاما من الغناء
السبت، 19 مايو 2012
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] نعش وردة
وردة من مطربات الزمن الجميل عاصرت المواهب الكبيرة وعملت وتعلمت منهم
الكثير، فهى كبرت فى وسط جيل لن يعوض فى الكتابة والتلحين والتوزيع، رحلت
فى هدوء، تاركة مشوار غنى وشديد الثراء من الألحان والكلمات غنتها بصوتها
الذى من الصعب تكراره، كما وصفه الموسيقار الكبير عبدالوهاب بأنه صوت «يحمل
الصهللة والفرحة».
وكانت الراحلة فى كل حواراتها تؤكد أن الفن بالنسبة لها يعنى الهواء الذى
تتنفسه ولا تستطيع العيش بدونه، فهو يجرى فى دمائها، وكذلك التمثيل، وذلك
منذ اللحظة الأولى التى عرفت فيها طريق الغناء، والذى مارسته فى بداية
مشوارها دون احتراف، حيث كانت تغنى أغانى لكبار المطربين فى الوطن العربى،
ومنهم أم كلثوم وأسمهان وعبدالحليم فى ملهى «طام طام» الذى كان يملكه
والدها فى باريس»، وكان يستقبل على خشبته كبار المطربين العرب أمثال فريد
الأطرش وصباح وغيرهما. واعتادت وردة وهى صغيرة استراق السمع لأولئك
المطربين وهم يؤدون فقراتهم الغنائية، وتزامنت هذه الفترة من حياتها مع
الاستعمار الفرنسى للجزائر.
ودون أن تدرى تحول الملهى الليلى إلى مركز للمقاومين ومخبأ لأسلحتهم
وعتادهم، وكثيرا ما حملت تلك السيدة العظيمة وهى لم تنفض عنها بعد غبار
الطفولة أسلحة ومنشورات فى حقيبتها المدرسية وهى لا تدرى، ولكن سرعان ما
امتدت يد الخيانة إلى المقاومة والمقاومين بملهى والدها الوطنى ليلقى بهم
المستعمر فى غياهب السجن، وتصبح وردة وحيدة بعد غياب والدها الذى كان يشغل
منصبى الأم والأب، ولما بلغت السادسة عشر أفرج عن والدها، وتم ترحيله عن
فرنسا لتحط الآنسة الصغيرة الرحال ببلاد المغرب لكن سرعان ما انتقلت
وأسرتها الصغيرة إلى موطن والدتها «لبنان» وهناك عادت إلى الغناء
بـ«طانيوس» وهو أحد أشهر الملاهى.
وفى ليلة من الليالى كانت وردة كعادتها تطرب الحاضرين بصوتها البهى القوى،
كان هناك جالس يرهف سمع أذنيه طربا لها، الموسيقار «محمد عبدالوهاب» الذى
أبدى إعجابه بصوتها ودعاها للحضور إلى مصر.
قدمت لمصر سنة 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمى رفله الذى قدمها فى أولى
بطولاتها السينمائية «ألمظ وعبده الحامولى» ليصبح فاتحة إقامتها المؤقتة
بالقاهرة، وطلب رئيس مصر الأسبق جمال عبدالناصر أن يضاف لها مقطع فى أوبريت
«وطنى الأكبر»، وبدأ نجم وردة فى الصعود كواحدة من أجمل وأقوى الأصوات
العربية، إلى أن وقعت الأزمة بعد انتشار شائعة تردد أن هناك علاقة جمعت
وردة بالمشير، وهى الواقعة التى اختلفت الروايات حولها، ولذلك صدر قرار
بإبعاد وردة عن مصر، ولم تتوقف وردة عن حبها لمصر ورغبتها فى العودة فهى
مثلما حققت شهرتها بمصر وقعت فى غرام البلد وأهله وناسه، ولم تيأس، حتى
عادت إلى مصر فى السبعينيات، وانطلقت مسيرتها الغنائية من جديد، بعد زواجها
من الملحن المبدع بليغ حمدى، والذى قدمت معه مجموعة من أهم الألحان
«العيون السود» و«مستحيل» «أكذب عليك» و«فى يوم وليلة» و«حنين» وغيرها، حيث
أعاد بليغ اكتشاف صوتها، وشكلا معا ثنائيا فنيا رغم انفصالهما فى عام
1979.
ولم تنقطع علاقة بليغ الفنية والشخصية بوردة حتى أواخر أيام حياته، حيث كان
بالنسبة لها قصة الحب الأكبر فى حياتها والتى لم يكتب لها النجاح، وتعاونت
وردة أيضا مع كبار الملحنين حيث قدم كل واحد منهم صوتها بشخصية مختلفة،
فوردة مع بليغ كانت تختلف عن وردة مع سيد مكاوى أو محمد عبدالوهاب أو رياض
السنباطى، رحلت وردة وسيبقى عبيرها عبر أغانيها التى تتنفسها مختلف
الأجيال.
منقول من اليوم السابع