معلومات عن بيت عنيا
مقدمة :
اسمها العربي الحالي العيزرية :
تقع بلدة العيزرية الحالية والتي تحتوي على ذكريات بيت عنيا الإنجيلية على طريق القدس أريحا. ويقوم في وسط الأكثرية الإسلامية في البلدة كنيستان للآباء الفرنسيسكان والروم الأرثوذكس.
نظرة على التاريخ :
كشفت الأبحاث الأثرية التي قامت في موقع الكنيسة الفرنسيسكانية وقبر أليعازر عن آثار ثلاث كنائس بنيت إحداها فوق الأخرى في فترات مختلفة.
وحول الكنيسة عديد من القبور المحفورة في الصخر، وقد عثر أيضا على بقايا القرية القديمة مع معاصرها وآبارها ومخازن الحبوب وكمية من الرخام من العصر الهيرودي. تقع القرية القديمة فوق القرية الحالية أما قبر أليعازر فيقع خارج القرية مثله مثل باقي القبور.
الحقبة الكتابية :
نحميا ١١، ٣٢ - يتطابق الموقع مع قرية «بيت عنانيا» المذكورة في سفر نحميا وهي إحدى المواقع التي رممها العائدون من السبي في بابل.
وبيت عنيا مهمة جدا خاصة بسبب الأحداث الإنجيلية التي وقعت فيها. أما الأماكن التي يذكرها الإنجيل فهي ثلاثة: لوقا ١٠، ٣٨ بيت أصدقاء يسوع وهم مريم ومرتا وأليعازر يوحنا ١١، ١ القبر الذي منه دعا يسوع أليعازر إلى الحياة. يو ١٢، ١ - بيت سمعان الأبرص حيث نزل يسوع لتناول طعام العشاء.
ليس في استطاعتنا تحديد موضع البيتين الذين تردد عليهما يسوع، أما تذكار قبر أليعازر فقد حفظه لنا التقليد المسيحي شهادة إيمان على ألوهية المسيح والرجاء الذي يحييه بالقيامة الأخيرة.
عندما تذكر الأناجيل بيت عنيا فإنها تقدم لنا الدلائل التالية: قرية قرب جبل الزيتون، ١٥ غلوة عن القدس على الطريق النازلة إلى أريحا. جميع هذه المعطيات تسمح لنا بتعريف المكان على أنه القرية الحالية التي يدعوها العرب العيزرية أي بيت أليعازر. وسنتوقف فيما يلي عند حادثة عشاء الرب في بيت سمعان الأبرص وذلك بسبب المغزى الخاص الذي تمثله لنا.
بيت سمعان الأبرص :
(متى ٢٦، ٦-١٣؛ مرقص ١٤، ٣-٩؛ يوحنا ١٢، ١-٨)
لا بد أنهما لعبا دورا هاما في تاريخ الشعب الإسرائيلي القديم.
بينما كان يسوع متكئا على المائدة دنت منه امرأة وهي مريم (أخت أليعازر) وأفاضت على رأسه زجاجة طيب غالي الثمن. كان هذا العمل دلالة واضحة على الإيمان والإخلاص للمعلم وذلك عشية تجربته العظيمة.
وأمام اعتراض التلاميذ (يوضح يوحنا أن المعترض كان يهوذا) الذين رأوا في هذا العمل إسرافا لا فائدة منه، أجاب يسوع بأنه لو كنا نعد الحسنة على الفقير عملا دينيا فلا ينبغي أن ننسى أن الإكرام والعبادة الموجهة لشخصه هي أيضا عمل ضروري وهام للحياة الدينية. كما وقدم يسوع هذا العمل على أنه إعداد نبوي لموته ودفنه.
زيارة الموقع :
تحتفظ الكنيسة الفرنسيسكانية في وسط القرية بذكرى بيت مريم ومرتا وذكرى قيامة أليعازر.
بيت مريم ومرتا - بيت أصدقاء يسوع :
لو ١٠، ٣٨-٤٢ :
بينما هم سائرون ، دخل قرية فأضافته امرأة اسمها مرتا. وكان لها أخت تدعى مريم، جلست عند قدمي الرب تستمع إلى كلامه. وكانت مرتا مشغولة بأمور كثيرة من الخدمة، فأقبلت وقالت: «يا رب، أما تبالي أن أختي تركتني أخدم وحدي؟ فمرها أن تساعدني». فأجابها الرب: «مرتا، مرتا، إنكِ في همّ وارتباك بأمور كثيرة، مع أن الحاجة إلى أمر واحد. فقد اختارت مريم النصيب الأفضل، ولن يُنزع منها».
بنيت الكنيسة الكاثوليكية الحالية على شكل صليب يوناني فوق المكان الذي قامت عليه الكنائس الثلاث السابقة: الكنيسة الأولى: فيها ثلاثة أروقة مبنية على أسلوب الكنائس القسطنطينية للقرن الرابع. الفسيفساء مصنوعة بنفس أسلوب بازيليك بيت لحم. بعض هذه الفسيفساء ظهرت للعيان إثر الحفريات الأخيرة. وتروي لنا إيجيريا التي أتت هذه البلاد المقدسة حاجّة عام ٣٨٠ أنّ المسيحيين كانوا يحتفلون في هذه الكنيسة بالصلوات وكانت تدعى ألعازرية. وتشير كتابات بعض الحجاج اللامعين إلى وجود دير بجانب هذه الكنيسة.
الكنيسة الثانية :
بعد أن دُمرت الكنيسة الأولى على ما يبدو من جراء زلزال في القرن الخامس أو السادس، بنيت فوقه كنيسة أكبر وقد احترم العرب الذين دخلوا المدينة عام ٦٣٨م. الأبنية الدينية في بيت عنيا. ويروي أركولفو الذي زار البلاد بعد ٣٠ عاما عن وجود دير كبير قرب الكنيسة التي فوق قبر أليعازر.
وأقام الصليبيون كنيسة ثالثة فوق القبر وشيدوا ديرا سلموه للراهبات البندكتيات. وقد اختفت آثار هذه الكنيسة اللهم إلا من بضعة آثار يريها الآباء الفرنسيسكان للحجاج الذين يزورون الموقع. من هذه الآثار مكان المدخل المؤدي من الكنيسة إلى القبر مباشرة.
تقوم اليوم مئذنة الجامع فوق موضع صدر الكنيسة مباشرة. وهناك بعض أطلال للدير الصليبي أمام الكنيسة الفرنسيسكانية الحالية. منها جزء من الجدار، وعقد باب وبضع صالات. وقد كشفت الحفريات عن غرفة لدفن الموتى وقبور صليبية. وعثر أيضا على معصرة ومخزن وبعض الأفران. وما زال بالإمكان مشاهدة أثار برجين كانت الراهبات تلتجئن إليهما عند قيام الاضطرابات. أحد هذين البرجين قائم في موقع الكنيسة الأرثوذكسية الحالية عند بداية قرية بيت عنيا القديمة.
لقد انصب الاهتمام الأكبر خلال عملية بناء الكنيسة الحالية على كيفية حفظ أكبر قدر من آثار الأبنية السابقة. الكنيسة الفرنسيسكانية التي لا يدخلها النور إلا من نافذة في السقف تقدم للزائر إنطباعا جنائزيا، وكأنها تؤكد كلمات يسوع المكتوبة تحت القبة باللاتينية: «من آمن بي وإن مات فسيحيا وكل من يحيا ويؤمن بي لن يموت للأبد» (يو ١١، ٢٥).
قبر أليعازر :
لدى خروجنا من الكنيسة الفرنسيسكانية على بعد ٥٠ مترا في الطريق الصاعدة نحو جبل الزيتون نجد مكان قبر أليعازر. حول القبر الحالي، كشفت الحفريات عن مقابر القرية التي تقع إلى أعلى. ويعود التقليد الذي يكرم المكان إلى القرن الرابع حيث يذكر أوسيپيوس القيصري الموقع نحو عام ٣٣٠م.
باسم «الأنوماستيكون». ويروي حاج من بوردو مجهول الاسم (٣٣٣م) أنه زار المغارة حيث قبر أليعازر. القديس هيرونيموس يشير إلى الكنيسة التي بنيت قرب موضع القبر عام ٣٩٠م. والحاجة إيجريا تشير عام ٣٨٠م. إلى الخدمات الليتورجية التي كان المسيحيون يحتفلون بها آنذاك.
يعود شكل قبر أليعازر الحالي إلى العصور الوسطى. فقد أعيد ترتيب المدخل في القرن السادس عشر عندما أغلق المدخل الأساسي.
قيامة أليعازر :
يوحنا ١١، ١٧-٤٤
فلمّا وصل يسوع وجد أنّه في القبر منذ أربعة أيام. وبيت عنيا قريبة من أورشليم، على نحو خمس عشرة غلوة، فكان كثير من اليهود قد جاؤوا إلى مريم ومرتا يعزّونهما عن أخيهما.
فلما سمعت مرتا بقدوم يسوع خرجت لاستقباله، في حين أنّ مريم ظلت جالسة في البيت. فقالت مرتا ليسوع: «يا ربّ، لو كنت ههنا لما مات أخي. ولكنّي ما زلت أعلم أن كلّ ما تسأل اللّه، فاللّه يعطيك إيّاه». فقال لها يسوع: «سيقوم أخوك». قالت له مرتا: « أعلم أنّه سيقوم في القيامة في اليوم الأخير».
فقال لها يسوع: «أنا القيامة والحياة، من آمن بي وإن مات فسيحيا، وكل من يحيا ويؤمن بي لن يموت للأبد. أتؤمنين بهذا؟» قالت له: «نعم يا ربّ، إنّي أومن بأنك المسيح ابن اللّه الآتي إلى العالم». قالت ذلك ثمّ ذهبت إلى أختها مريم تدعوها، فأسرّت إليها: «المعلّم ههنا وهو يدعوك».
وما إن سمعت مريم ذلك حتى قامت على عجل وذهبت إليه. ولم يكن يسوع قد وصل إلى القرية، بل كان حيث استقبلته مرتا. فلمّا رأى اليهود الذين كانوا في البيت مع مريم يعزّونها أنها قامت على عجل وخرجت، لحقوا بها وهم يظنون أنّها ذاهبة إلى القبر لتبكي هناك.
فما إن وصلت مريم إلى حيث كان يسوع ورأته، حتى ارتمت على قدميه وقالت له: «يا رب، لو كنت ههنا لما مات أخي». فلمّا رآها يسوع تبكي ويبكي معها اليهود الذين رافقوها، جاش صدره واضطربت نفسه وقال: «أين وضعتموه؟» قالوا له: «يا رب، تعال فانظر».
فدمعت عينا يسوع. فقال اليهود: «أنظروا أيّ محبة كان يحبّه». على أنّ بعضهم قالوا: «أما كان بإمكان هذا الذي فتح عيني الأعمى أنّ يردّ الموت عنه؟» فجاش صدر يسوع ثانية وذهب إلى القبر، وكان مغارة وُضع على مدخلها حجر. فقال يسوع: «إرفعوا الحجر». قالت له مرتا أخت الميت: «يا رب، لقد أنتن، فهذا يومه الرابع».
قال لها يسوع: «ألم أقل لك إنّك إن آمنت ترين مجد الله؟». فرفعوا الحجر ورفع يسوع عينيه وقال: «شكرا لك، يا أبتِ على أنّك استجبت لي وقد علمتُ أنّك تستجيب لي دائما أبدا ولكنّي قلت هذا من أجل الجمع المحيط بي لكي يؤمنوا أنّك أنت أرسلتني». قال هذا ثمّ صاح بأعلى صوت: «يا ألعازر، هلمّ فاخرج». فخرج الميت مشدود اليدين والرجلين بالعصائب، ملفوف الوجه في منديل. فقال لهم يسوع: «حلّوه ودعوه يذهب».
كنيسة الروم الأرثوذكس :
بنيت عام ١٩٦٥ وقد كرست لذكرى قيامة أليعازر، وهو موضوع سرعان ما برز في الأيقونات البيزنطية الأولى. وعلى طريق أريحا خارج بيت عنيا نجد كنيسة أرثوذكسية أخرى مقامة لذكرى لقاء مرتا بيسوع القادم من أريحا.
نلاحظ في الطريق من الكنيسة الفرنسيسكانية إلى قبر ألعازر بضعة بيوت عربية مميزة في جوانب جبل الزيتون. من شأن هذه البيوت أن تقدم لنا فكرة حول طبيعة بيوت بيت عنيا أيام يسوع.