علاء الدين والمصباح السحري للاطفال
كان علاء الدّين فتى مهملا و لم يكن والده مصطفى ليجد سبيلا إلى إثنائه عن غيّه بزجره أو محاولة إقناعه بضرورة تعلّم صنعة الخياطة
الّتي ورثها الأب بدوره عن أبيه و يحبّ أن تستمرّ في عقبه . وما أسرع ما استبدّ به القلق و الأسف
و هو يرى أتراب ابنه يرتقون في الحرف و الصّنائع و وحيده لا يزيده النّصح إلاّ إمعانا في الطّيش و اللاّمبالاة فمات حسرة و كمدا.
وجد الفتى نفسه فجأة وحيدا في معترك الحياة مسؤولا عن أسرة
-لا عهد له بالإحساس بالمسؤوليّة تجاههاوأمّ أجزعها التّرمّل و أقعدها الحزن على فراق زوجها و عائلها .
فهي قليلة الحيلة لا تستطيع ضربا في الأرض للحصول على لقمة العيش
وبينما هو ذات يوم يذرع شارع القرية جيئة و ذهابا مفكّرا فيما سيؤول إليه حاله و حال أمّه المسكينة
الّتي لا يجد أجرة الطّبيب لعلاجها إذ استوقفه رجل بدت عليه مخايل الغنى و الثّراء و قال :
مرحى مرحى يا ابن أخي . فأجابه علاء الدّين في دهشة و استغراب :
ما علمت إلاّ السّاعة أنّ لأبي أخا . فردّ العمّ الآتي من غيبته على الفور :
ألست علاء الدّينم ابن أخي مصطفى ؟ ! فأسقط في يد الفتى وقال : بلى .
و لكنّ والدي قد مات منذ زمن و ما حدّثني عنك يوما .قال: و من أجل هذا أتيت .
فما ألمّ بك ألمّ بي رغم بعد الشّقّة بيني و بينكم و ما أصابك و أصاب أمّك أصابني
و ما أهمّك أهمّني خذ يا بنيّ! تلك بعض قطع ذهبيّة اقتن بها طعاما و أخبر أمّك بقدومي و انتظرا زيارتي عند الغداء
لمعت القطع الذّهبيّة في كفّ علاء الدّين كبارقة الأمل .
و تبدّد فجأة من ذهنه الشّعور باليأس و قبل بعرض عمّه الجديد دون تفكير و انطلق إلى أمّه
يزفّ لها المفاجأ السّارّة و الخبر السّعيد فما زادت على أن أبدت استغرابا و تعجّبا
علاء الدين والمصباح السحري, اطفال
ولمّا حان وقت الغداء طرق الباب . و إذا هو العمّ الجديد قد وصل .
فاستقبلته زوجة الفقيد استقبال الضّيوف و رحّبت به في بيتها و شكرت له صنيعه مع ولدها و وعدته
بأن تردّ له معروفه عندما تسمح الظّروف بذلك و قد أبدى الرّجل من الحزن و الأسف على فقد مصطفى
ما جعلها تصدّق أنّه فعلا أخ لزوجها و عمّ لولدها و هو ما جعلها لا تتردّد في الموافقة على خروج علاء الدّين برفقته
في تجارة قريبة يصيب منها ربحا يسيرا و يعود إليها قبل الغروب
و انطلقا فأتيا ربوة في سفح جبل أخشب من من دونهما غابة كثيرة النّبات و الأشجار فقال العمّ لابن أخيه :
إيتني بخشب و حطب لعلّي أوقد نارا فأريك ما لا عين رأت . فاساتجاب علاء الدّين
وقدح عمّه النّار بحجرين و أخرج من جرابه بخورا ألقى به إلى النّار فتصاعد الدّخان في أرجاء المكان و العمّيتمتم بكلمات لا يفهمها ابن
الأخ و انشقّت الأرض في سفح الجبل و أفصحت عن صخرة عظيمة شدّت إليها حلقة من نحاس دعي علاء الدّين إلى الاستعانة بها في رفع الصّخرة
ملئ الفتى رعبا و خوفا للوهلة الأولى لما رآه من عجيب عمل الرّجل الّذي أخبره بأنّه عمّه . وبدأ يشكّ في نوايا صاحبه .
و لكنّ لباقة الرّجل وقدرته على أن يمنّيه بأن يكون أثرى الأثرياء بفضل الكنز الّذي سيعثر
عليه وراء تلك الصّخرة الّتي لا قبل لأحد بزحزحتها غيره جعلته ينخدع مرّة أخرى و يتهيّأ له أنّ العمّ يريد مصلحته .
وما إن أمسك علاء الدّين بتلك الحلقة النّحاسيّة مستجمعا كلّ قوّته لرفع الصّخرة العظيمة حتّى تزحزحت الصّخرة من تلقاء نفسها .
وظهر للفتى درج تنتهي درجاته عند قبو مظلم في الأسفل فتنفّس العمّ الصعداء و بدت على وجهه
علامات الارتياح و السّرور بالإنجاز العظيم .
التفت إلى علاء الدّين وقال له في صوت رقيق حنون : أي بنيّ انزل في هذا الدّرج يصلك بقبو في آخره نفق .