اخترناهم و لم يختارونا ~
أحيانا عندما نحب أشخاصا بقوة، و نقدم لهم كل ما استطعنا من تقدير و قيمة لم نحملها حتى لأنفسنا، يعتقدون أننا نفعل ذلك لأنه ليس لنا في سواهم حظ، و لأن لا أحد غيرهم قد يحملنا من أرضنا ليضعنا تاجا فوق رأسه أو لأننا لا شيء من دونهم.
نعم. كنا لا شيء من دونهم لأننا ربطنا أنفسنا بهم بقوة جعلت أرواحنا و أجسادنا تتمازج، فأصبحنا لا نرتاح إلا بقربهم و لا تأنس أرواحنا إلا بمعيتهم.
لكن! هل يعني ذلك أن يستصغرونا، و يسلبوا منا قيمتنا فقط لأننا جعلناهم أغلى من أنفسنا إلينا؟؟ هل يعني ذلك أن يقرروا عنا مصيرنا من دون استشارتنا؟ هل يعني ذلك أن نخضع لهم و نأخذ الصورة التي يشاؤون و المكان الذي يشاؤون متى يشاؤون؟؟..
فليعلم هؤلاء أن:
كل حديقة إلا و لها زائر، و لكل ساقطة لاقطة. هكذا يقال و هذا فعلا ما يحدث. نحن لا نتشبث بمن نحب لأن لا أحد سواهم يهتم بنا؛ فمهما خربت الحديقة كان لا بد لها من زائر، يأنس بوجوده فيها و يرتاح في أعماقها؛ زائر اختارها دونا عن سواها. و مهما كانت حقارة ما يسقط من الأشجار _ ثمرة، ورقة، غصن، بذرة.._ لا بد من أن يلتقطها _إنسان، حيوان، طائر، حشرة، أم تضمها الأرض لتستفيد منها من جديد_
صعب جدا أن يفهموا، فنحن لم نخترهم لذكائهم، و نحن لم نخترهم لدهائهم، و نحن لم نخترهم لأنه ليس لنا عنهم بديل، و نحن لم نخترهم لأنه ليس لهم مثيل.. نحن اخترناهم لأننا اخترناهم فحسب_ من دون تعريف.. من دون تشبيه.. من دون مقارنة.. من دون تفكير، و ظننا أنهم سيعاملونا بالمثل.