معلومات عن جبل تابور
جبل تابور
اسم الجبل الذي وصل إليه تخم " يساكر " ( يش 19 : 22 )، ويحتمل انه الجبل الذي تنبأ موسى بان زبولون ويساكر سيدعوان القبائل إليه ( تث 33 : 19 )، فبوقوفهم على الحدود بين الأسباط، يمكنهم أن يدعوا أن لهم حقوقاً متساوية في المقدس على القمة. ويبدو من هذه النبوة أن الجبل كان مزاراً مقدسا، وكان المتعبدون يحضرون معهم خيرات من " فيض البحار " و " ذخائر مطمورة في الرمل " مما كان يشكل مصدر ربح للسلطات المحلية.
وجبل تابور هو نفسه " جبل الطور " في فلسطين، وهو هضبة منعزلة ترتفع في أقصى الركن الشمالي الشرقي لسهل
" اسدرالون " ( يزرعيل ) على بعد نحو خمسة أميال إلى الغرب من الناصرة.وقد احتفظ الجبل بصبغته المقدسة، ومازال مزاراً مقدساً رغم تغير الدوافع، إذ على هذا الجبل تحتشد الجموع الآن من كل بلاد العالم احتفالاً بعيد التجلي.
وعلى قمة هذا الجبل ومنحدراته جمعت " دبورة وباراق " عشرة آلاف رجل للزحف لقتال " سيسرا " في السهل العظيم
( قض 4 : 6 و 12 و 14 ).
ويحتمل أن " زبح " وصلمناع " ملكي مديان، قد قتلا أخوة جدعون على هذا الجبل ( قض 8 : 18 ). وأن كان البعض يعتقدون أن هذه المذبحة قد حدثت في الجنوب من ذلك حيث لا مبرر لوجود إخوة جدعون في أقصى الشمال بعيداً عن موطنهم في أبيعزر، ولكن ــ على أي حال ــ ليس من سبب لافتراض أن
" عفرة " كانت في أقصى الجنوب، إذ يحتمل أن الرجال قد أسروا وأخذوا أسرى إلى تابور.
ويرى يوسيفوس أن جبل تابور كان ضمن المناطق الإدارية التابعة للملك سليمان ( انظر 1 مل 4 : 17 ).
ولابد أن مثل هذا الموقع البارز المتميز كان مدعاة للتحصين دائماً، فكانت به قلعة اسمها " أتابيريون " استولى عليها أنطيوكس الكبير في 218 ق.م. بخدعة حربية، ثم استعادها اليهود بقيادة يوحنا بن سمعان المكابي ( 105 ــ 70 ق.م. ). وبعد ذلك سقط هذا الموقع في أيدي الرومان بقيادة " بومبي ". وعلى مقربة من هذا الجبل، ذاق الاسكندر بن أرتوبولس الثاني مرارة الهزيمة في 53 ق. م. على يد " جابينيوس "
وإلى سورية.
وعرف يوسيفوس ــ الذي كان حاكماً على الجليل عند نشوب الحرب اليهودية ــ أهمية هذا الموقع فبني سوراً حول قمة الجبل. وبعد الكارثة التي حلت بجيوش اليهود في " يوتاباتا " ــ حيث أخذ يوسيفوس نفسه أسيراً ــ أتخذ الكثيرون من الهاربين، من الجبل ملجأ لهم. ولم يحاول " بلاسيدوس " (Pacidus) القائد الرومانى أن يهاجم القلعة، بل سعى بالحيلة حتى جذب المدافعين عنها إلى الوادي حيث أمكنه هزيمتهم فاستسلمت بذلك له المدينة.
وهناك تقليد يرجع إلى القرن الرابع الميلادي، يذكر أن التجلي قد حدث على هذا الجبل، وقد المحنا فيما سبق إلى الصبغة المقدسة للمكان. ولعله لهذا السبب وللمظهر الرائع للجبل، ظهر هذا التقليد. ولقد شاهدت القرون الماضية تشييد سلسلة من الكنائس والأديرة على الجبل، ويقولون إن " التجلي " قد حدث على الطرف الجنوبي الشرقي من القمة، حيث بنيت كنيسة هناك. وبالقرب من ذلك المكان يقع الموضوع الذي يظنون أن فيه تقابل " ملكي صادق مع إبراهيم " بعد رجوعه من كسرة
" كدرلعومر ".
وقد عاصر الجبل كل الأحداث العاصفة التي زخر بها تاريخ البلاد ففي 1113 م، نهب عرب دمشق الأديرة وقتلوا الرهبان. وأغار عليه صلاح الدين الأيوبي في 1183 م ولكنه ارتد عنه، إلا أنه بعد ذلك بأربعة أعوام خرب المنطقة تماماً بعد هزيمة الصليبيين في " حطين ". ثم بعد نحو خمسة وعشرين عاماً، قام " الملك العادل " شقيق صلاح الدين بتحصينه، ففشل الصليبيون في استرداده في 1217 م. وفي 1263 م أمر " السلطان ببيرس " بهدم " كنيسة التجلي " واصبح الجبل لفترة من الزمن مكانا مهجورا.
ولكن ظل رهبان " الناصرة " يحتفلون كل عام بعيد التجلي. وخلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر، أقامت الكنيستان اللاتينية واليونانية العديد من المنشآت، إلى جانب ما لهما من أديرة وكنائس ضخمة، كما كشفوا عن الكثير من أطلال مباني كنائس قديمة، تمثل خصائص كل العصور، بدءا من أزمنة اليهود حتى يومنا هذا.
ويرتفع جيل تابور إلى نحو 1843 قدماً فوق مستوى سطح البحر مكوناً بذلك أبرز معالم المنطقة. ويبدو الجبل للناظر من الجنوب على شكل نصف كرة، ومن الغرب على شكل مخروط. وتغطي الأدغال الكثيفة قمته المستديرة وجوانبه المنحدرة. وقد اختفت غابات البلوط منذ أواخر القرن التاسع عشر، إلا انه مازالت هناك بضع أشجار متناثرة كدليل على ما كانت عليه تلك الغابات القديمة.
ويتصل جبل تابور بمرتفعات الشمال بعنق خفيض، بينما يفصله عن "جبل الضحى " جنوباً واد خصيب يمتد حتى وادي البيرة ثم وادي الأردن.
ويمتد طريق متعرج على الجانب الشمالي الغربي منه يصل إلى قمته حيث يمكن رؤية أبدع وأجمل المناظر الطبيعية الممتدة في كل جانب. ويواجه " جبل تابور " " جبل جلبوع " من الجنوب عبر جبل حرمون الذي تقع مدينتا " عين دور " " ونايين " على جانبه، و " شونم " على سفحه الغربي. وبعيدا عبر الوادي، يقع البصر على التلال الواقعة على الحدود الشمالية للسامرة مروراً " بتعنك " و " مجدو " إلى " الكرمل " على البحر، وكذلك غابة البلوط الممتدة شمالاً من غور " قيشون ". وإلى الشمالي الغربي من تابور وعلى بعد نحو خمسة أميال من أرض مرتفعة غير مستوية، يمكننا أن نرى البيوت العالية في " الناصرة " تلمع بلونها الأبيض في ضوء الشمس. ويقع وادي الأردن العميق إلى الشرق، يليه سور " جلعاد " والمرتفع الصخري شرقي بحر الجليل، وهو مرتفع تتخلله بعض الأودية الجبلية وجداول المياه، وبخاصة الأخدود الكبير الذي يجري فيه نهر اليرموك. وتتجمع جبال " زبولون " و " نفتالي " مع الكتلة الضخمة اللامعة " لحرمون العظيم " لترتفع إلى عنان السماء في الجهة الشمالية.
وبالوقوف أمام هذا المنظر الرائع، يدرك الإنسان كيف جمع المرنم بين جبلي حرمون وتابور في المزمور التاسع والثمانين : "الشمال والجنوب أنت خلقتهما. تابور وحرمون باسمك يهتفان " ( مز 89 : 12 ).
وقد أشار أرميا النبي إلى جبل تابور في القول : " رب الجنود اسمه كتابور بين الجبال " ( أرميا 46 : 18 ). كما المح هوشع إلى بعض العبادات الوثنية في القول : " إذ صرتم.. شبكة مبسوطة على تابور " ( هو 5 : 1 ).
ويرى البعض أنه بشيء من الملاحظة الدقيقة يمكن الجزم بأن "التجلي" لم يحدث على هذا الجبل، إذ يبدو أن هذا المكان كان ما هولا في زمن المسيح، مما لا يتوفر معه الهدوء والسكينة اللذين كان ينشدهما الرب في وقت " التجلي "